عصابات الاتجار بالبشر .. “الخطر الخفي على المجتمع العراقي”

دراسة ميدانية

مركز الفيض لاستطلاع الرأي والدراسات المجتمعية

أُجريت هذه الدراسة الميدانية خلال شهري تموز وآب 2025 في مدينة بغداد، بهدف التعرف الى مدى شيوع جريمة الاتجار بالبشر والكشف عن نوعية الجرائم المنتشرة، فضلا عن الوسائل والأساليب المتبعة فيها، وقد اتبع فريق الباحثين بالخطوات والإجراءات العلمية اللازمة، بما في ذلك تهيئة أدوات البحث مثل استمارة الملاحظة الموضوعية وإجراء المقابلات المقننة بشكل مباشر مع مجموعة من الأشخاص المرتبطين بجرائم الاتجار بالبشر.

أظهرت النتائج والتحليلات أن أكثر أشكال الاتجار بالبشر انتشارًا في العراق تتعلق بالبغاء، كما كشفت الدراسة عن مجموعة من الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي تسهم في ارتكاب هذه الجرائم، فضلا عن اعتماد العصابات على أساليب ذكية ومعقدة لاستدراج الضحايا.

 

Abstract: This field study was conducted during July and August 2025 in the city of Baghdad, with the aim of identifying the prevalence of human trafficking crimes and revealing the types of crimes that are widespread, as well as the means and methods used. The research team followed the necessary scientific steps and procedures, including preparing research tools such as an objective observation form and conducting structured, direct interviews with a group of individuals linked to human trafficking crimes. The results and analyses showed that the most common form of human trafficking in Iraq is related to prostitution. The study also revealed a set of social and economic reasons that contribute to the commission of these crimes, as well as the reliance of gangs on clever and complex methods to lure victims.

 

إشكالية الدراسة: تعد جريمة الاتجار بالبشر من الجرائم المعقدة ذات الطبيعة السِرية، نظرًا لغياب بيانات دقيقة حول نسب حدوثها عالميًا، وتعدد أشكالها واختلاف ضحاياها، كما أنها جريمة ذات طابع دولي تتجاوز حدود الدولة الواحدة، ويمثل حجمها وتعدد أطرافها جزءًا مما يُعرف بالاقتصاد الخفي المرتبط بعولمة الأسواق وقوى العرض والطلب.

لقد أصبحت معظم دول العالم تواجه تحديات كبيرة بسبب هذه الجرائم، لاسيما مع ارتباطها بجرائم أخرى مثل تجارة المخدرات والأسلحة، والتي تقودها عصابات ذات طابع دولي، لتشكل هذه الثلاثية معضلة خطيرة تهدد المجتمعات.

وتتعدد أشكال جرائم الاتجار بالبشر لتشمل الرقيق الأبيض لأغراض الدعارة، ونزع الأعضاء البشرية، والتسول، والعمل القسري، بينما تتنوع أسبابها بين اجتماعية واقتصادية وسياسية، وتزداد حدتها في المجتمعات التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي وتردي الوضع الاقتصادي وارتفاع مستويات الفساد، مما يوفر بيئة خصبة لتطور مثل هذه الجرائم.

أما في العراق، فقد أسهمت التحولات السياسية بعد عام 2003، وتدهور الوضع الأمني، والتهديدات الإرهابية، وحالات الشحن الطائفي، في خلق أرضية مناسبة لزيادة معدلات الجرائم المرتبطة بالإرهاب والمخدرات والأسلحة، فضلا عن جرائم الاتجار بالبشر، وعلى الرغم من الطابع التاريخي لهذه الجريمة منذ تجارة العبيد، فإن ظهور فرص عمل وهمية أو أنشطة تجارية كالمقاهي والملاهي الليلية، وبعض عمليات بيع الأعضاء تحت مسمى التبرع، أسهم في ارتفاع هذه الجرائم، لذلك ركزت الدراسة الحالية في الإجابة عن جملة تساؤلات، منها:

التساؤل الاول: ما أشكال جرائم الاتجار بالبشر الأكثر انتشارًا في العراق؟

التساؤل الثاني: ما العوامل التي تؤدي إلى ارتكاب جرائم الاتجار بالبشر؟

التساؤل الثالث: ما الأساليب والوسائل التي تتبعها العصابات لإيقاع الضحايا؟

 

مبررات الدراسة: يمثل موضوع الاتجار بالبشر قضية حساسة لم تحظَ بالبحث الكافي، وهو يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الإنساني بسبب الوسائل والأساليب المتنوعة التي تستخدمها العصابات لاستدراج واستغلال الضحايا، بما في ذلك استتار الجريمة خلف أعمال تبدو مقبولة لكنها تخفي استغلالًا واسعًا.

 

أهداف الدراسة: تهدف الدراسة الحالية الى:

  • تحديد الأسباب والدوافع الكامنة وراء جرائم الاتجار بالبشر.

  • التعرف إلى أكثر أشكال الاتجار بالبشر شيوعًا في المجتمع العراقي.

  • الكشف عن الأساليب والوسائل المتبعة من قبل العصابات في ارتكاب هذه الجرائم.

 

مفاهيم الدراسة:

  • الاتجار بالأشخاص: يُقصد به تجنيد الأشخاص، نقلهم، إيواؤهم أو استقبالهم باستخدام التهديد بالقوة أو استعمالها، أو الاختطاف، الاحتيال، الخداع، استغلال السلطة أو استغلال حالة ضعف، أو تقديم تلقي مبالغ مالية أو مزايا للحصول على موافقة من شخص له سلطة على آخر، بهدف استغلاله في الدعارة أو أي شكل من أشكال الاستغلال الجنسي، العمل القسري، الاسترقاق، التسول، أو المتاجرة بالأعضاء البشرية.

  • يعرف القانون العراقي جرائم الاتجار بالبشر: بأنها أي عملية لتجنيد الأشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بوسائل التهديد أو القوة أو الاختطاف أو الاحتيال أو استغلال السلطة أو تقديم تلقي مزايا مالية للحصول على موافقة شخص له سلطة، بهدف استغلالهم في الدعارة، الاستغلال الجنسي، العمل القسري، التسول، الاسترقاق، أو المتاجرة بالأعضاء البشرية أو للأغراض الطبية.

الجانب الميداني: اعتمدنا في دراستنا الحالية منهج البحث الوصفي- دراسة الحالة لغرض الوصول إلى المعلومة بدقة واستحصالها من الضحية نفسها، باستخدام أداة المقابلة المعمقة، وقد اعتمدنا في دراستنا على العينة المتاحة والتركيز على ضحايا ومرتكبي جرائم الاتجار بالبشر ممن رغبوا ووافقوا على اجراء المقابلة معهم، وكان عدد الحالات (10) حالات موزعة بين الذكور والإناث.

 

عرض حالات الدراسة:

الحالة الأولى: (س.خ.ل)– ذكر، مواليد 1997، بغداد، سكنه (إيجار)، التحصيل الدراسي ابتدائي، متزوج ولديه طفلان، يعمل كعامل زجاج وألمنيوم بين بغداد وإقليم كردستان، الزوجة ربة بيت، ويملك مهارات في الهندسة الصوتية والتصوير والغناء (راب).

ينتمي المشارك إلى أسرة (أب متزوج من زوجتين)، وهو الابن الوحيد للزوجة الأولى، في عام 2017، اضطر إلى بيع كليته عبر صفحة على موقع فيسبوك بعنوان “المتبرعون بالكلى” مقابل عشرة ملايين دينار عراقي، وذلك بهدف إنقاذ حياة والدته التي كانت بحاجة إلى عملية جراحية في الهند، بعد فشل جهوده في جمع المبلغ عبر مناشدة الأقارب، للأسف توفيت والدته قبل تمكنه من تنفيذ العملية.

عند تواصله مع إدارة الصفحة، تم الاتفاق على بيع الكلية، وطلب منه السفر إلى إقليم كردستان، محافظة أربيل، حيث التقى بشخص مجهول تكفل بدفع أجرة التنقل، وتم اصطحابه إلى مستشفى خاص (مستشفى ب)، الذي تعامل مع الحالة على أنها تبرع طوعي وليس متاجرة، وبعد إجراء الفحوص الطبية اللازمة وتأكيد إمكانية إجراء العملية، طلبت إدارة المستشفى حضور والده للتوقيع على تعهد خطي ينص على أن العملية تبرع ولا يتحمل المستشفى أي نتائج سلبية، وأجريت العملية بنجاح، وزرعت الكلية في جسد فتاة تبلغ من العمر 35 عامًا، بحضور أسرتها، بعد العملية، استلم المشارك المبلغ المتفق عليه، لكنه لاحقًا اكتشف أن الوسيط قد تلقى من أسرة المستفيدة مبلغًا قدره 54 مليون دينار عراقي.

البوابة الأولى للانخراط في تجارة الأعضاء كانت عملية بيع كليته، حيث تعرف بعد ذلك على شخص يدعى (أ.ع)، واطلع هذا الأخير على وضعه الاقتصادي والأسري، بما في ذلك حالة والدته الصحية، ما أسهم في تطوير علاقة سريعة بينهما، فعرض (أ.ع) على المشارك العمل في تجارة الأعضاء البشرية، وطلب منه إنشاء صفحة للترويج لبيع الكلى، من خلال هذه الصفحة، تواصل معه شخص آخر (ب) من بغداد (منطقة البلديات) راغب في بيع كليته، فطلب منه (أ.ع) السفر إلى بغداد للقاء (ب).

تم تزويد المشارك برقم هاتف شخص ثالث (م) من بغداد للتنسيق مع المختبرات الطبية لإجراء الفحوصات اللازمة، وعند وصولهم إلى المختبر، اكتشف المشارك أن (م) هو في الحقيقة أحد رجال الأمن، وأن اللقاء كان كمينًا أمنيًا، حيث تم القبض عليه وعلى (ب) من قبل جهاز مكافحة الاتجار بالبشر.

الحالة الثانية: (ش.ح.ب)– أنثى، مواليد 1995، من محافظة البصرة، السكن مشردة، التحصيل الدراسي أمية، متزوجة وليس لديها أطفال، ربة بيت، زوجها عاطل عن العمل.

تنتمي إلى أسرة متعددة الزوجات (أب متزج أكثر من زوجة)، حيث أنجبت والدتها سبعة أبناء (ثلاثة ذكور وأربع بنات)، بينما أنجبت الزوجة الثانية ثلاثة أبناء، بعد انفصال والدتها، تزوجت والدتها من رجل آخر.

في سن الثانية عشرة، غادرت منزل الأسرة نهائيًا برفقة ابن خالتها (س.ض) الذي كانت تربطها به علاقة عاطفية، وسكنت معه في محافظة البصرة، خلال هذه الفترة، تعرضت لاستغلال من قبل خالتها التي مارست السمسرة على نفسها وعلى بنات أخريات، واستمرت هذه الممارسات بعد زواج ابن خالتها عام 2017.

في عام 2018، أخذتها خالتها إلى بغداد (حي الشعب) وسلمتها لامرأة تُدعى (ن) تمارس السمسرة على فتيات أخريات، مقابل مبلغ مالي لم يُعرف مقداره، بعد ثلاثة أيام، أُرسلت مع ثلاث فتيات أخريات إلى حي الجامعة، وفي الطريق تم إلقاء القبض عليهم من قبل جهاز مكافحة الاتجار بالبشر، ليتمكن الفريق الأمني من وقف هذه الشبكة واستعادة الضحايا.

الحالة الثالثة: (ب.ح.ع)– ذكر، مواليد 1978، من محافظة بغداد، السكن إيجار، التحصيل الدراسي بكالوريوس إدارة واقتصاد قسم محاسبة، متزوج ولديه أربعة أطفال، عاطل عن العمل، الزوجة ربة بيت.

في عام 2018، كان أحد أبنائه يعاني من تلف في الخلايا الحركية للدماغ ويحتاج إلى عملية جراحية تكلف عشرة ملايين دينار عراقي، وبسبب عدم تمكنه من تدبير هذا المبلغ، لجأ إلى مجموعة المتبرعين بالكلى عبر موقع فيسبوك، تواصل مع شخص يُدعى (ك) مقيم في إقليم كردستان– أربيل، وتم الاتفاق على بيع كليته مقابل عشرة ملايين دينار عراقي، مع تكفل الشخص بجميع المصاريف المتعلقة بالعملية.

حضر برفقة والدته وزوجته، وتم مكوثهم في فندق بإقليم كردستان، وبعد استحصال الموافقات الرسمية من وزارة الصحة والجهاز الأمني، خضع لفحوصات دقيقة للتأكد من أن العملية هي تبرع وليست متاجرة، التقى لاحقًا بشخص يُدعى (خ.أ.ك) يحتاج إلى زراعة كلى، وتم إجراء العملية تحت إشراف طبيب متخصص، وبعد العملية، استلم المبلغ المتفق عليه وعاد إلى بغداد.

لاحقًا، في عام 2020، اتصل به نفس الشخص (ك) لطلب مساعدته في إيجاد شخص آخر يرغب في بيع كليته، فتواصل مع شخص مجهول وتم الاتفاق على لقاء في منطقة حي الجامعة– بغداد، عند وصوله، تبين أن الشخص المسؤول عن التنسيق كان أحد رجال الأمن، وقد تم نصب كمين وإلقاء القبض عليه بسبب محاولته الانخراط في تجارة الأعضاء البشرية، وحُكم عليه لاحقًا بالسجن لمدة ست سنوات مع دفع غرامة مالية مقدارها عشرة ملايين دينار عراقي.

الحالة الرابعة: (ش.ن.ر)– أنثى، مواليد 1988، منفصلة عن زوجها الأول ولديها طفلان، ومن زوجها الحالي طفل واحد، من محافظة بابل، التحصيل الدراسي متوسطة، ربة بيت، والزوج كاسب.

بعد انفصالها عن زوجها الأول، عادت إلى منزل أهلها، ومن خلال التواصل على موقع فيسبوك تعرفت على شخص يُدعى (س) من بغداد، متزوج ولديه طفلان، تطورت العلاقة بينهما إلى زواج بموافقة أهلها، وانتقلت للعيش معه في الفلوجة في منزل إيجار، وعملت في صالون.

لاحقًا، علمت أن زوجها اقترض مبلغًا ماليًا من صديق عبر كمبيالة باسمه، ما اضطرها لبيع كليتها لتسديد الدين، وتعرف الزوج على شخص ضمن مجموعة المتبرعين بالكلى على فيسبوك للتنسيق بشأن بيع الكلية، وبعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، رفض الطبيب تبرع الزوج بسبب وجود التهابات وحصى في كليته، فاقتُرح عليها التبرع بكليتها، ووافقت، وقد تم إجراء عملية استئصال الكلية اليسرى بنجاح، واستلمت مبلغ خمسة عشر مليون دينار عراقي، واستغرقت إقامتها بالمستشفى ثلاثة أيام قبل العودة للفلوجة.

لاحقًا، قرر الزوجان العمل مع شبكات المتاجرة بالأعضاء البشرية، وخصوصًا الكلى، لتحسين وضعهما المالي، وفي آخر عملية لهما، أثناء توجههم إلى بغداد لأحد الزبائن، تم توقيفهما من قبل قوات الأمن، وبعد التفتيش والتحقيق، تبين أن الفتاة مطلوبة في قضية اتجار بالأعضاء البشرية نتيجة اعتراف زوجها، وهي حاليًا محتجزة بتهمة الاتجار بالأعضاء البشرية.

الحالة الخامسة: (ج.ق.ر)– أنثى، مواليد 1983، من بغداد، السكن ملك، متزوجة ولديها طفلان، التحصيل الدراسي متوسطة، ربة بيت، والزوج كاسب.

توفي والدها، ما اضطرها للعيش في بيت شقيقها تحت ضغطه وضغط زوجته، لاحقًا تقدم شاب لطلب الزواج منها، وقد بادرت والدته إلى خطبتها له، في البداية ادعى الشاب أنه يعمل في الأعمال الحرة ولديه معارض سيارات، فوافقت المشارك على الزواج لتخفيف الضغوط الأسرية.

بعد الزواج، تبين لها أن زوجها لا يعمل وليس لديه أي معارض سيارات، وبدأت الخلافات تظهر تدريجيًا، فضلا عن سوء تصرفاته كتعاطي الخمر ولعب القمار، وعدم تقديم الدعم المالي للأسرة. تبين لاحقًا أنه كان مسجونًا سابقًا في سوريا بتهمة الاتجار بالبشر، وكان يعمل سمسارًا.

في عام 2015، تعرضت لضغوط من زوجها لممارسة الدعارة، لكنها رفضت وذهبت إلى منزل شقيقها، وأبلغت زوجة شقيقها بالطلب لكنها رفضت إبلاغ شقيقها خوفًا على صحته، بعد عدة أيام، تصالحت مع زوجها، وفي 2018، أثناء ذهابهم لغرض علاج أحد أطفالهم المصابين، اتصلت فتاة مجهولة، طالبته بنقلها بسيارته، وادعى الالتزام معها كجزء من عمله في النقل، وعند وصولهم إلى المكان، تعرضوا لإطلاق نار من القوات الأمنية، وتمكن الزوج من الهروب مع الفتاة، بينما تم القبض على المتهمة.

أثناء التحقيق، أكدت عدم تورطها في السمسرة، لكن تبين لاحقًا أن زوجها والفتاة كانوا متورطين في عمليات بيع للفتيات إلى مراكز المساج في بغداد، وهي حاليًا محتجزة ضمن قضية اتجار بالبشر، نتيجة ارتباطها بزوجها.

الحالة السادسة: (ع.ل.ظ)– أنثى، مواليد 1989، من بغداد، السكن ملك، متزوجة ولديها ثلاثة أطفال، التحصيل الدراسي ابتدائية، المهنة ربة بيت، والزوج عاطل عن العمل.

تزوجت المبحوثة في سن مبكرة بعد وفاة والديها، وكان زوجها المعيل الوحيد للأسرة، حيث كان يعمل في بيع الأدوية في سوق شعبي في مدينة الصدر ببغداد (سوق مريدي)، تعرض الزوج لحادث نتيجة أحد الانفجارات الإرهابية، ما أدى إلى فقده إحدى قدميه وعينه اليمنى، فأصبح عاجزًا عن ممارسة عمله السابق، بعد ذلك حاول الزوج فتح أسواق منزلية لإعالة الأسرة، لكنه فشل في المشروع وتكبد خسائر مالية كبيرة بلغت خمسة عشر مليون دينار، نتيجة الالتزامات المالية الموثقة في وصولات مصدقة كان عليه تسديدها لتجار الجملة ضمن مدة محددة.

في ظل هذه الضائقة الاقتصادية، طلب الزوج من المبحوثة إيجاد عمل لتغطية مصاريف الأسرة، تمكنت المبحوثة من العثور على عمل في أحد الصالونات النسائية في بغداد، بعد مدة، علمت صاحبة الصالون بالضائقة المالية التي تمر بها المبحوثة، وأبدت تعاطفها معها، فاقترحت عليها العمل معها في منزلها كمدبرة منزل، إلى جانب عملها في الصالون، وافقت المبحوثة على هذا العرض، واصطحبتها صاحبة الصالون إلى منزلها.

عند وصول المبحوثة إلى المنزل، فوجئت بوجود عدد من الفتيات اللاتي يزورهن الرجال بانتظام، وأقنعتها صاحبة المنزل بالعمل في مجال البغاء مقابل مضاعفة الأجر المالي، بعد مناقشة الأمر مع زوجها، وافق الأخير على هذا العمل لسداد الديون المستحقة، واستمرّت المبحوثة في العمل بهذا المجال لمدة ستة أشهر، وخلال هذه الفترة تحسنت أوضاعهم المالية وتمكنت من سداد جزء من الديون التي كانت على زوجها.

بعد مدة، طلبت السمسارة الأولى من المبحوثة الانتقال للعمل في بيت سمسرة آخر، وعند سؤالنا إياها عن احتمال قيام السمسارة الأولى ببيعها للسمسارة الجديدة، أجابت بأنها لا تعلم بالضبط، لكنها أكدت أن مثل هذه الحالات عادةً لا تتم بدون مقابل مالي، وخلال عملها مع السمسارة الأولى، شهدت المبحوثة عمليات تبادل وبيع للفتيات بين السماسرة.

انتقلت المبحوثة للعمل مع السمسارة الجديدة في إحدى مناطق بغداد، واستمرت هناك لمدة معينة، إلى أن أبلغ المخبر السري القوات الأمنية، التي داهمت الشقة واعتقلت المبحوثة مع ثماني فتيات أخريات كن يعملن معها في نفس الشقة.

الحالة السابعة: (خ.ب.و) – أنثى، مواليد 1989، تقيم في بغداد في منزل إيجار، التحصيل الدراسي ابتدائية، ربة بيت، منفصلة عن زوجها الأول ولديها ثلاثة أطفال، تزوجت مرة ثانية بعد وفاة زوجها الأول.

توفي زوجها الأول نتيجة مشكلات صحية في القلب، تاركًا لها ثلاثة أطفال ذكور تحت مسؤوليتها، كانت والدتها تعمل في مجال السمسرة، وعندما علم أهل زوجها الأول بذلك، أخذوا الأطفال منها وطردوها من المنزل، فعادت إلى منزل أسرتها.

بعد فترة، طلبت والدتها منها الانخراط في العمل معًا في مجال البغاء، في البداية رفضت المبحوثة، لكنها بعد مدة تعرضت لضغوط اقتصادية ومشاكل مفتعلة دفعها للقبول بالعمل معها، ونتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة، اضطرت المبحوثة للعمل مع والدتها في هذا المجال لفترة من الزمن.

من خلال والدتها، تعرفت المبحوثة على شاب، وتطورت العلاقة بينهما إلى الزواج، وبعد فترة وجيزة من الزواج، اكتشفت أن عائلة زوجها تعمل كلها في مجال السمسرة، وبشكل طبيعي، طلب الزوج من المبحوثة العمل مع أسرته في نفس المجال، فوافقت على ذلك، تولت والدة الزوج إدارة العمل بالكامل، بما في ذلك تحصيل الأموال من الزبائن، وكانت تمنح المبحوثة وأفراد الأسرة جزءًا بسيطًا فقط من الأرباح.

استمر الوضع على هذا النحو فترة من الزمن، حتى تمكن الزوج من إقناع المبحوثة بالانتقال للعمل في بيت سمسرة آخر يقع في منطقة الكرادة ببغداد، بهدف التخلص من هيمنة والدته والحصول على كامل الأجر، خلال فترة عملها في البيت الجديد، لاحظت المبحوثة عمليات بيع وشراء الفتيات من قبل السماسرة لتغيير العاملات وإحضار وجوه جديدة، وكانت هي إحدى ضحايا هذه الممارسات.

بعد مدة، طلبت صاحبة البيت التي تعمل فيه المبحوثة الانتقال للعمل في شقة أخرى في بغداد، بعد موافقة زوجها على ذلك، واتضح لاحقًا أن هذه السمسارة قامت ببيع المبحوثة لسمسار آخر، مع استمرارها في تلقي الأجر نفسه الذي كانت تتقاضاه في البيت السابق، وقد استمرت المبحوثة في العمل حتى قيام القوات الأمنية بمداهمة الشقة، حيث ألقي القبض عليها مع عدد من الفتيات الأخريات.

الحالة الثامنة: (ر.ث.ض) – أنثى، مواليد 1995، تقيم في بغداد، هاربة من أسرتها، التحصيل الدراسي ابتدائية، عزباء.

عند بلوغها الثالثة عشر، ضبطت أسرتها بحوزتها جهاز موبايل كانت تستخدمه لمراسلة شاب تعرفت عليه، حين علم جميع أفراد الأسرة بالأمر، شعرت بالخطر والتهديد بالعقاب، لاسيما مع وجود ضيوف في المنزل في تلك اللحظة، فاستغلت فرصة وجود الضيوف وهربت من المنزل.

استخدمت سيارة أجرة للوصول إلى منطقة الكرادة، حيث كانت تنوي لقاء شاب تعرفت عليه، لكنه رفض استقبالها وأغلق الهاتف في وجهها، وشعرت المبحوثة بالحيرة وعدم القدرة على اتخاذ قرار بشأن مكان آمن، فعرض سائق التاكسي مساعدتها، لكنها رفضت بادئ الأمر، لاحقًا أقنعها بالذهاب معه إلى منزل قالت إنه آمن، على أن تعمل فيه كمدبرة منزل، وافقت المبحوثة على هذا العرض.

بعد وصولها، اكتشفت أن المنزل مفتوح لممارسة البغاء، ورغم شعورها بالاضطرار، بدأت العمل في هذا المنزل لفترة من الزمن، بعد مدة، قامت السمسارة ببيع المبحوثة إلى سمسارة أخرى تدعى (أم ح) في منطقة زيونة مقابل مبلغ مالي قدره خمسة عشر ألف دولار أمريكي، في بيت هذه السمسارة، كانت تعمل أربع فتيات سوريات في البغاء، وكانت السمسارة حذرة جدًا في تعاملها مع الزبائن، لكنها لم تتمكن من حماية الفتيات من المخاطر.

بعد مرور فترة زمنية، داهمت القوات الأمنية البيت، وأُلقي القبض على السمسارة وبعض الفتيات، بينما كانت المبحوثة خارج المنزل، فاستغلت الفرصة للهرب، وقامت بالاتصال بسائق التاكسي نفسه، الذي ساعدها بالانتقال إلى منزل آخر يملكه صديقه في حي الجامعة، حيث كان يعمل في السمسرة ويضم خمس عشرة فتاة.

خلال فترة العمل مع هذا الرجل، كانت تعاملاته صارمة، وبعد مدة قام ببيع المبحوثة مع ثلاث فتيات أخريات إلى سمسارة أخرى تُدعى (أم س) في منطقة السيدية، كما اشترى منها فتاة واحدة بمبلغ مالي قدره عشرة آلاف وأربعمائة دولار أمريكي.

وفي عام 2017، بعد مرور سبع سنوات على عملها في مجال البغاء، قامت القوات الأمنية بمداهمة البيت الذي كانت تعمل فيه، وأُلقي القبض على المبحوثة مع عدد من الفتيات الأخريات.

الحالة التاسعة: (م.ي.ش) – أنثى، مواليد 2002، من محافظة بغداد، والدها مصري الجنسية، التحصيل الدراسي متوسطة، ربة بيت، منفصلة ولديها طفل واحد.

حياتها الزوجية لم تكن مستقرة بسبب خلافات متكررة مع زوجها الذي كان يعاملها بقسوة، وقد امتدت فترات الخلاف لوقت طويل وتكررت مرات عديدة، ما دفعها في النهاية لطلب الطلاق، بعد الانفصال، أقامت في منزل شقيقها لمدة ثلاثة أشهر.

خلال هذه الفترة، طلب شقيقها منها العمل مع زوجته في ملهى ليلي، حيث كان شقيقها يستحوذ على كل الأموال التي تجنيها من العمل، ما اضطرها إلى مغادرة منزله والانتقال للسكن مع صديقتها في أحد أحياء بغداد.

تعرفت على صديقتها من خلال عملها في الملهى الليلي، وكانت هذه الصديقة سمسارة لديها بيت مفتوح لممارسة الجنس، وشجعتها على العمل معها، وقد أقنعت صديقتها شقيقها بأن زيارتها لصديقتها مؤقتة، لكنها قررت البقاء والعمل مع الصديقة، التي رفضت تسليمها لشقيقها مقابل مبلغ مالي قدره ستة آلاف دولار أمريكي.

بعد ذلك، نقلتها الصديقة للعمل في إحدى المحافظات العراقية في ملهى ليلي تابع لفندق يسمى (ك)، حيث كان يوجد غرفة مفتوحة لممارسة البغاء، وخلال فترة السنة التي قضتها هناك، كانت كل مستمسكاتها الشخصية محجوزة لدى إدارة الفندق.

اسماء العاملات في هذا المجال كانت تتغير باستمرار، حيث كانت السمسارة تستخدم اسماء مستعارة للفتاة، مستغلة علاقاتها الخاصة بالزبائن لإصدار هويات مزورة مقابل مبلغ مالي قدره مائة وخمسون ألف دينار لكل فتاة.

خلال عملها مع السمسارة، بدأت باستخدام المخدرات من نوع (الكرستال) الذي منحها القوة والنشاط والاستمرارية لممارسة البغاء لفترات طويلة دون النوم، في البداية، كانت السمسارة تزودها بالمخدرات مجانًا، لكن بعد فترة الإدمان بدأت تطالبها بالمال، وتبين للمبحوثة أن الهدف من ذلك كان تحويلها إلى أداة مطيعة للسمسارة، وهو ما تحقق فعلاً.

بعد فترة من العمل، قامت السمسارة ببيع المبحوثة وفتاة أخرى إلى سمسارة أخرى مستأجرة منزل في بغداد الجديدة تُدعى (أم م)، حيث عملت لمدة سنتين، قبل أن يتم القبض عليها لاحقًا مع عدد من الفتيات في مداهمة أمنية للبيت.

الحالة العاشرة: (س.خ.م) – أنثى، مواليد 1970، من محافظة بغداد، تسكن في بيت ملك، التحصيل الدراسي إعدادية – تمريض، منفصلة ولديها خمسة أبناء، مهنتها قابلة مأذونة.

في عام 2019، جلب إليها أحد زملائها في المستشفى قبل تركها للعمل، ويدعى (أ)، فتاة تدعى (ن) للعمل في المنزل لأغراض الرعاية فقط، وكانت الفتاة حاملًا بأنثى أنجبتها أثناء وجودها في المنزل.

بعد فترة قصيرة، طلب ابن المبحوثة (ح) منها طرد الفتاة لتجنب أي مشكلات محتملة، فتم طردها هي وطفلتها عبر الاتصال بنفس الزميل (أ).

لكن بعد أكثر من عام، وتحديدًا نهاية عام 2020، عادت الفتاة نفسها (ن) إلى المنزل، وهذه المرة حامل وأنجبت ذكرًا، وأعطتها المبحوثة إذنًا لبيعه إلى أحد معارفها، حيث عرضت الطفل على أسرة مجاورة، مكونة من زوجين عقيمين، وتم الاتفاق على تبنيه مقابل مبلغ مالي قدره خمسة ملايين دينار عراقي، مع وجود ورقة تبني رسمية.

بعد أيام قليلة، اتصلت الفتاة (ن) بالمبحوثة وأخبرتها بأنها ستحضر إلى المنزل بصحبة رجلين للمطالبة بالطفل، فحاولت المبحوثة إقناعهما بأن الطفل قد توفي، لكن لم تنجح، وتحول الحديث إلى التهديد، وفي النهاية طلبا إعادة الطفل إلى والدته.

في اليوم التالي، رفعت الفتاة دعوى قضائية ضد المبحوثة والأسرة التي رغبت في التبني، وتم اعتقالهم من قبل مكافحة الاتجار بالبشر، صدر حكم بالسجن لمدة خمس سنوات وشهر مع غرامة مالية قدرها خمسة عشر مليون دينار للمبحوثة، بينما تم تبرئة رب الأسرة بعد التمييز وإطلاق سراحه.

 

تحليل الحالات: يتناول هذا الجزء من الدراسة التحليل الموضوعي للنتائج التي توصلت إليها الدراسة، وذلك عبر ثلاثة أبعاد رئيسة هي (أنواع الاتجار بالبشر التي كشفت عنها المقابلات، العوامل الاجتماعية والاقتصادية المؤدية إلى جرائم الاتجار بالبشر، وأساليب استدراج الضحايا وممارسات الاستغلال).

 

اولا: أنواع الاتجار بالبشر: كشفت نتائج الدراسة عن ثلاثة أنواع رئيسة للاتجار بالبشر، وهي:

1- الاتجار بالأعضاء البشرية: سُجلت ثلاث حالات ضمن هذا النوع، وكانت تقتصر على بيع الكلى فقط دون الأعضاء الاخرى، وقد عمدت عصابات الاتجار بالأعضاء إلى إخفاء البعد المالي للعملية وإظهارها على أنها تبرع خيري، وهو أمر مقبول اجتماعيًا، بينما يعد الجانب التجاري مخالفًا للقانون وغير مقبول اجتماعيًا، وقد تراوحت أسعار بيع الكلى وفقًا للحالات التي تم تحليلها، حيث لم تقل عن عشرة ملايين دينار عراقي للكلية الواحدة، وأشارت النتائج إلى أن معظم ضحايا الاتجار بالأعضاء البشرية تحولوا لاحقًا للعمل ضمن شبكات التجارة بالأعضاء بعد تجربتهم الشخصية.

2- الاتجار بالجنس: بلغ عدد الحالات المسجلة ضمن هذا النوع ست حالات، وهو النوع الأكثر انتشارًا مقارنة بالأنواع الأخرى، ويتضمن هذا النوع كلًا من البغاء والسمسرة، حيث تقوم النساء السمسارات بتنظيم عمليات بيع النساء، دون تدخل الرجال، وأظهرت النتائج وجود تراتبية عمودية في ممارسة الجنس، تتأثر بعوامل عدة مثل عمر الفتاة وجمالها وصحتها، ومكان ممارسة النشاط، بينما كانت السمسارات تحرص على استئجار منازل في مناطق تتميز بالخصوصية والعزلة عن الرقابة المجتمعية والسلطات الأمنية، ويكشف هذا النوع عن ارتفاع نسبة هذه الظاهرة مقارنة بالأنواع الأخرى للاتجار بالبشر.

  • الاتجار بالأطفال: سُجلت حالة واحدة فقط ضمن هذا النوع، وكان الهدف الأساس منه هو التبني، وهو ما يبرز ندرة هذا النوع مقارنة بالأنواع الأخرى، ولكنه يظل ضمن دائرة الاتجار بالبشر ويخضع للرقابة القانونية والأخلاقية.

 

ثانيا: العوامل والأسباب المؤدية لجرائم الاتجار بالبشر

  • العوامل الاجتماعية:

  • الحالة الاجتماعية: أظهرت النتائج أن الوضع الاجتماعي للفرد يلعب دورًا محوريًا في تعرضه للاتجار بالبشر، إذ تبين أن بعض الحالات (النساء) كانت منفصلة عن أزواجهن، فيما جاءت حالات أخرى من أسر مفككة بسبب انفصال الأبوين أو وفاة أحدهما.

  • العنف الأسري: أكدت بعض الحالات تعرضهن للعنف الجسدي والنفسي من قبل الأزواج أو الإخوة، مما دفع البعض إلى الهروب من المنزل والبحث عن بدائل مادية ومعيشية.

  • التحصيل الدراسي: معظم ضحايا الاتجار بالبشر كانت مستوياتهم التعليمية منخفضة جدًا، ما حد من فرصهم في البحث عن عمل مستقر أو الاعتماد على أنفسهم اقتصاديًا.

  • العوامل الاقتصادية:

  • الحالة الاقتصادية: جميع الحالات كانت تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة، مما جعلهم أكثر عرضة للاستغلال من قبل العصابات.

  • البطالة: غالبية الضحايا وأزواجهم كانوا يعانون من البطالة وعدم وجود فرص عمل مستقرة، فضلا عن نقص المؤهلات العملية، ما زاد من هشاشتهم الاقتصادية.

  • نوع السكن: لوحظ أن معظم الحالات كانت تقيم في منازل إيجار، وهو مؤشر على ضعف الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لديهم.

 

ثالثا: أساليب استدراج ضحايا الاتجار بالبشر

كشفت المقابلات عن مجموعة من الأساليب المتنوعة التي تستخدمها العصابات لاستدراج الضحايا، وهي:

  • الكوفي شوب: ذكرت بعض الحالات أن عملهن في الكوفيهات أسهم في بناء علاقات تطورت لاحقًا إلى العمل كبغّيات.

  • العمل كمدبرة منزل: بعض الحالات تم تضليلهن للعمل في البيوت كمدبرات، لكن بعد فترة تحول العمل إلى البغاء تحت تأثير الخوف من العودة إلى أسرهم أو البقاء في الشارع بلا مأوى.

  • الصالونات النسائية: استُخدمت بعض الصالونات النسائية كنقطة بداية للانخراط في البغاء.

  • سائقو سيارات الأجرة (تكسي): أشار بعض الضحايا إلى أن سائقي سيارات الأجرة كانوا يسهمون في إيصال الضحايا إلى بيوت الدعارة، وتضليلهم بأنهم سيعملون كمدبرات منازل.

  • مواقع التواصل الاجتماعي: في حالات الاتجار بالأعضاء البشرية، استُخدمت منصات التواصل الاجتماعي للترويج للتبرع بالكلى، بينما كانت هذه العمليات في الواقع جزءًا من تجارة الأعضاء البشرية الممنوعة.

بهذا التحليل، يمكن ملاحظة أن ظاهرة الاتجار بالبشر في العينة المدروسة متعددة الأبعاد، تتأثر بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية، وتتم بأساليب استدراج دقيقة ومخطط لها مسبقًا، مع تباين نوعي في ممارسات الاستغلال بين الجنسين والفئات العمرية.

 

الاستنتاجات

  • أظهرت الدراسة أن الأسباب التي دفعت بعض أفراد العينة إلى الوقوع ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر متنوعة ومختلفة بحسب نوع الاتجار، فقد أرجعت بعض النساء العاملات في البغاء سبب انخراطهن إلى العنف الأسري، وتفكك الأسرة، والفقر والعوز، بينما كانت الأسباب الرئيسة للاتجار بالأطفال أو بالأعضاء البشرية ترتكز بشكل أساس على الفقر والعوز الاقتصادي.

  • توصلت الدراسة إلى أن غالبية ضحايا عصابات الاتجار بالبشر لم يظلوا دائمًا ضحايا، إذ تحول عدد من هؤلاء الضحايا لاحقًا إلى العمل كسمسارة أو مشاركين في شبكات الاتجار بعد تعرفهم على بعض العصابات، مما يعكس ديناميكية معقدة بين الاستغلال والتحول إلى الفاعلين داخل الشبكات نفسها.

  • كشفت الدراسة وجود تراتبية عمودية في ممارسة البغاء مع الضحايا الباغيات، حيث تتحدد الأولويات أحيانًا وفقًا لمعايير يقررها الزبون، مثل العمر والجمال والسلامة الصحية للفتاة، فضلا عن مكان ممارسة النشاط، وأكدت عينة الدراسة أن السماسرة كانوا يحرصون على استئجار منازل في مناطق تتميز بالعزلة والخصوصية، بعيدًا عن تدخل الجيران والرقابة المجتمعية، على عكس المناطق الشعبية حيث يكون النشاط أكثر انكشافًا وتحت رقابة الآخرين.

 

التوصيات

  • دور وسائل الإعلام: ضرورة قيام وسائل الإعلام بحملات توعية ثقافية وقانونية لبيان خطورة جرائم الاتجار بالبشر، وكشف أساليب الخداع التي تستخدمها العصابات لاستدراج الضحايا.

  • التعليم والتنشئة الدينية والمجتمعية: يجب أن تتبنى المؤسسات الدينية والتعليمية والمنظمات المجتمعية دورها في التثقيف حول الآثار النفسية والاجتماعية السلبية للعنف ضد النساء، ورفع وعي المجتمع بخطورة العنف الأسري كأحد العوامل المؤدية للوقوع ضحايا.

  • الرقابة المهنية: العمل على إخضاع المهن للرقابة المهنية كافة من خلال وضع معايير وشروط واضحة، بما يحد من إمكانية استغلال الأفراد في أعمال السخرة أو الاتجار بالبشر.

  • التعاون الإقليمي والدولي: تعزيز التعاون مع الجهات الإقليمية والدولية لفضح أساليب وحيل عصابات الاتجار بالبشر، ومراقبة الجهات التي تروج لفرص العمل في الخارج، لضمان خضوعها للسلطة القانونية ومنع استغلالها من قبل الشبكات الإجرامية.

  • السياسات الاقتصادية: وضع خطط اقتصادية مدروسة تهدف إلى الحد من البطالة وتحسين فرص العيش، بما يقلل من تعرض الأفراد للاستغلال والاتجار بالبشر نتيجة الفقر والعوز.

 

المصادر

  • عبد الله ادريس عبد الجواد، الاحكام الجنائية المتعلقة بعمليات نقل وزراعة الاعضاء البشرية بين الاحياء (دراسة مقارنة)، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، ط1، 2009.

  • محمد احمد محمد النونة المخلافي، الاحكام الجنائية لجرائم الاتجار بالبشر (دراسة في مشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر اليمني والتشريعات العربية)، مجلة الاندلس للعلوم الانسانية والاجتماعية، العدد 13، مجلد 15، 2007.

  • محمد جميل النسور وعلاء غازي عباسي، الاتجار بالبشر كجريمة منظمة عابرة للحدود الوطنية وسبل مكافحتها (دراسة تحليلية في ضوء التشريعات الدولية والوطنية)، مجلة دراسات علوم الشريعة والقانون، مجلد 41، ملحق3، 2014.

  • مكتب الامم المتحدة المعني بالمخدرات، البرنامج العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر في اسيا، 2003.

  • منظمة العمل الدولية، العمل الجبري والاتجار بالبشر (مرجع احكام قضائية)، مصر العربية، ط1، 2018.

  • الوقائع العراقية، قانون رقم 28 لسنة 2012 قانون الاتجار بالبشر، المادة 1 أولاً، العدد 4236، 23/4/2012.

 

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى