دور الاعداد النفسي والفكري للطالب الجامعي العراقي في عملية مكافحة الارهاب والتطرف الفكري

بقلم: أ.د. جاسم يونس الحريري

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية

كلية صدر العراق الجامعة

 

اشكالية الدراسة:

يعد الطالب مادة خام تشكلت وفق تنشئة أجتماعية محدودة في الاسرة والمجتمع والاشكالية هنا كيفية خلق عنصر فاعل من هذا الطالب واعداده نفسيا وفكريا في مكافحة الارهاب والتطرف الفكري.

 

أهمية الدراسة:

الطالب الجامعي هو شاب يتعلم، ولديه الكثير من الكفاءات، منها كفاءات الشاب وكفاءات التعلم. ويتمتع الشاب بمميزات مادية ومعنوية لا يتمتع بها غيره.

أولًا: قوته أكثر، وهذا شيء واضح. والقوة قاعدة، ووسيلة، وسبب للنجاح دائمًا، لأن كل سعي بحاجة إلى طاقة، فكلما كانت الطاقة أكثر، أصبح السعي أوفر.

ثانيًا: صبر الشاب أكثر أمام الصعاب، وهذا أيضًا عنصر من عناصر النجاح، لأن السعي بحاجة إلى تحمّل المشاق، خاصة فيما يعود إلى التغيير والتبديل، وخاصة فيما يعود إلى مقابلة المحافظين المتمسكين.

ثالثًا: الشاب صبره أكثر أمام الرغبات والأهواء. ربما يبدو هذا العنصر غريبًا، ولكنه الحقيقة. الشاب حاجته إلى المغريات وإلى الرغبات أكثر من غيره، ولكنه أيضًا صبره وتمكّنه من الوقوف أمام المغريات أكثر أيضًا. فبإمكاننا أن نذكر مثلًا صغيرًا واضحًا: الصيام، وهو الامتناع عن الأكل والشرب في مدة معينة مثلًا، الشاب حاجته- وحاجة خلايا جسده- أكثر إلى الأكل وإلى الشرب، ولكنه أيضًا يمكنه الامتناع عن الأكل والشرب خلال مدة معينة أكثر. الشاب ربما حاجاته الجنسية أكثر من غيره، ولكن صبره أيضًا أكثر.

ويمكن أن يكون الشاب والطالب الجامعي في العراق، بعد التحرير عام 2017، عنصرًا فاعلًا في مواجهة الإرهاب والتطرف الفكري، في حالة استثمار طاقاته الجسدية والفكرية في هذا المجال.

 

أهداف الدراسة:

تسعى هذه الدراسة إلى التعرف على كيفية الإعداد النفسي والجسدي والفكري للطالب الجامعي، لزجه في عملية مكافحة الإرهاب والتطرف الفكري، وفق استراتيجية وطنية في هذا المجال، ليكون عونًا للدولة والأجهزة الأمنية المختصة في حماية الجامعة والمجتمع من الاختراق الفكري والأمني من قبل الجماعات الإرهابية والمتطرفة.

 

فرضية الدراسة:

بُنيت هذه الدراسة على فرضية مؤداها: «يشكّل الطالب الجامعي عنصرًا مهمًا في عملية مواجهة الإرهاب والتطرف الفكري، في حالة إعداده إعدادًا جيدًا وتدريبه على وسائل معينة من قبل الأجهزة الأمنية المختصة، ليساهم بنفسه في حماية الجامعة والمجتمع من مخططات الإرهابيين والمتطرفين».

 

منهجية الدراسة:

تستخدم هذه الدراسة منهج التحليل النظمي الوصفي لتحليل أسباب الإرهاب والتطرف الفكري بعد التحرير عام 2017، وكيفية توظيف الطالب في مواجهة الإرهاب والتطرف الفكري، وفي تحليل انعكاسات مشاركة الطالب الجامعي في مواجهة الإرهاب والتطرف الفكري.

 

هيكلية الدراسة:

تنقسم الدراسة إلى أربعة أقسام: الأول يتناول تأصيلًا نظريًا لمفاهيم الدراسة، والثاني يبحث في أسباب الإرهاب والتطرف الفكري في العراق، والثالث يوضح كيفية توظيف الطالب الجامعي في مواجهة الإرهاب والتطرف الفكري، والرابع يتناول انعكاسات مشاركة الطالب الجامعي في مواجهة الإرهاب والتطرف الفكري.

 

تاصيل نظري لمفاهيم الدراسة

سوف نقوم بدراسة مفاهيم الدراسة منها كما يأتي:

1- الدور:

لغة: يمكن  الاشارة الى كلمة الدور بدلالة الحركة في محيط أو بيئة معينة من الفعل(دار)، دوراً، ودوراناً، بمعنى طاف حول الشيء،ويقال أيضاً دار حوله، وبه، وعليه، وعاد إلى الموضع الذي أبتدأ منه(1)، ويعرف  قاموس  وبيستر مصطلح الدور لغوياً بأنه الجزء الذي يؤديه الشخص في موقف محدد (2)، وكذلك هو المركز أو المنصب الذي يحتله الفرد، والذي يحدد واجباته وحقوقه الاجتماعية (3)، وكذلك فإن الدور يراد به مجموعة طرائق الحركة في مجتمع ما التي تسم بطابعها سلوك الإفراد في ممارسة وظيفة خاصة (4)، والبعض يعتقد إن الدور هو السلوك المتوقع من شاغل أو لاعب المركز الاجتماعي، كما والبعض الاخر يرى إن الدور أنموذج منظم للسلوك ومتعلق بوضع معين للفرد في تركيبة تفاعلية.

أما اصطلاحاً: فالدور لايرتبط بمجال معين إذ يتحدد دون غيره ويدخل في اختصاصات مختلفة اقتصادية وسياسية واجتماعية وطبيعية، وذلك ضمن عملية تحديد النتائج الخاصة بطبيعة العلاقات الارتباطية بين مكونات ظاهرة ما، أو بين مجموعات محددة من الظواهر، وحتى في نطاق المجال الواحد يمكن إن يظهر التنوع في معنى الدور، ومن ثم في تعريفه، وفي أطار حقل العلوم السياسية نجد إن له أكثر من تعريف، إذ يعرف في المصطلحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بأنه ((موقف أو سلوك أو وظيفة لشخص داخل مجموعة (5).

2- الطالب الجامعي:

إن المفهوم الشائع لمصطلح  الطالب الجامعي هو الشخص الذي أنهى مرحلة الثانوية العامة ناجحًا، وانتقل إلى المرحلة الجامعية ليكمل دراسته في تخصص ما، ولكن هذا التعريف فيه نوع من التبسيط للمفهوم بالرغم من مضى من حياة هذا الطالب  اثنا عشر عامًا خصصت على مقاعد الدراسة الابتدائية والثانوية، وفي المجمل فأن الطالب الجامعي انتقل من مرحلة مختلفة كليًا عن المرحلة المدرسية، من عدة جوانب منها الدراسية، والثقافية والمعرفية، والاتصالية، وبناء واكتساب الشخصية، وغيرها، وعليه يمكن تعريف مصطلح الطالب الجامعي هو الطالب الذي يدرس في أحدى التخصصات، وإنّ دراسة ذلك التخصص هو جزء فقط من مفهوم طالب الجامعة، وتكمن الأجزاء الأخرى في أن يمتلك عمق الفكر، ونضج العقل، وحسن الفهم، والخوض في التفصيلات والتعمّق في كل شيء للوصول إلى المعرفة والحقيقة الكافية، واكتساب مهارات التواصل الجيدة، وبناء الشخصية، والقراءة والثقافة، والاطلاع الواسع، وإنّ جميع تلك الأجزاء هي من ضمن مفهوم طالب الجامعة، التي يجب علينا أن نلمسها فيه (1).

3- المواجهة:

يراد بالمواجهة أنها عملية اجتماعية مُكتسبَة، تتأثر بعددٍ من الغرائز الإنسانية، كغريزة النجاة، وغريزة السيطرة، ويرى الدكتور إبراهيم ناصر بأن مصطلح المواجهة يراد به “ما لدى الإنسان من استعدادات فطرية، تدفعه إلى القيام بسلوك خاص، إذا ما أدرك أنه في موقف خاص، أو مجال معين يتطلب سلوكاً ما للخروج مما هو فيه”، فهي من خلال هذا التعريف، تعني الإقدام والمجابهة، للحال التي تسبب القلق والخوف للفرد، لإنهائها والتخلص من ضغطها، من خلال مجابهة الآخرين بالقول أو الفعل، أو الاثنين معاً، ومن جانب أخر يكتسب الإنسان سلوك المواجهة عن طريق التربية والتنشئة الاجتماعية، ابتداءً من الأسرة، وأمتدادا الى مؤسسات المجتمع، التي تعمل على تطبيع سلوكه ونمط تصرفاته، لمساعدته على التكيف مع متغيرات البيئة، والظروف الحياتية، والعلاقات الاجتماعية، ونستنتج من ذلك  أن المواجهة تختلف باختلاف الأفراد، واختلاف الخلفية الثقافية والاجتماعية والتربوية، والحياة الأسرية التي تربى المُواجِه في ظلالها، وترتبط أيضاً بحسابات المصلحة أو عدم المصلحة من المواجهة، كذلك، تختلف بحسب اختلاف المُواجِه والمُوَاجَه والظروف التي دعت إلى المواجهة، فعلى سبيل المثال لاالحصر قد تكون مواجهة بنَّاءة، أو مواجهة سلبية، غير أن مواجهة النفس بأخطائها هي أصعب أنواع المواجهة، لما تتطلبه من صراحة وحزم وإرادة، وازاء ذلك فأن رجل القانون، مثلاً، سوف تتركز حساباته في مواجهته، على البعد عن التورط في أية أخطاء قانونية، قد تعرضه للعقاب أو تصبح سلاحاً في يد خصمه أما الانسان، فسوف يفكر خلال المواجهة بالشرف العسكري، فتأخذ مواجهته طابع تربيته العسكرية، فيميل إلى الهجوم كوسيلة للدفاع، وأما الشخص التاجر حين يرى ضرورة المواجهة، فسوف يركز على مصالحه من ربح وخسارة، وستتأثر مواجهته سلباً أو إيجاباً بتربيته الاجتماعية ومؤهلاته، وتاريخ عائلته في السوق ونمطهم، أما إذا كان الشخص المواجه يعمل موظفاً فسيأخذ في الحسبان، عند المواجهة، تأثيرها على رزقه ومصيره في العمل… وكثيراً ما تتحول مواجهة الموظف إلى نكوص وهروب، حتى لو كان على حق، لأنه سيفكر في النتائج وهو يسعى لتوظيف الماضي والحاضر لخدمة المستقبل([1]).

4- الارهاب:

أ- تعريف الارهاب من قبل مجلس الامن والامم المتحدة:

يكشف القاموس العملي للقانون الانساني تُعرِّيف الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب الموقعة في 9 كانون الأول 1999 لمصطلح الإرهاب في مادتها 2-1 ب بأنه أي عمل يهدف إلى التسبب في موت شخص مدني أو أي شخص آخر أو إصابته بجروح بدنية جسيمة عندما يكون هذا الشخص غير مشترك في أعمال عدائية في حالة نشوب نزاع مسلح وعندما يكون غرض هذا العمل بحكم طبيعته أو في سياقه موجهًا لترويع السكان أو لإرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بأي عمل أو الامتناع عن القيام به. بينما أوضح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في قراره 1566 الصادر في تشرين الأول 2004 هذا التعريف إذ نص على أن الأعمال الإرهابية هي الأعمال الإجرامية بما في ذلك تلك التي ترتكب ضد المدنيين بقصد القتل أو إلحاق إصابات جسمانية خطيرة أو أخذ الرهائن بغرض إشاعة حالة من الرعب بين عامة الجمهور أو جماعة من الأشخاص أو أشخاص معينين أو لتخويف جماعة من السكان أو إرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بعمل ما أو عدم القيام به. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أكدت هذا التعريف في (القرار 60/43) الصادر في كانون الثاني 2006 والذي يُعرِّف الأعمال الإرهابية بأنها “أعمال إجرامية يقصد أو يراد بها إشاعة حالة من الرعب بين عامة الناس أو جماعة من الأشخاص أو أشخاص معينين لأغراض سياسية (2).

ب- تعريف الارهاب من قبل الدين الاسلامي:

ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى { لأنتم أشد رهبة في صدروهم من الله (سورة الحشر) آية13} وقــــــال أيضا { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم (سورة الانفال) الاية60} وقد بين الله تعالى في هاتين الآيتين أنه يحب أن يكون المسلمون بصورة يرهبون عدوهم ويخاف منهم، فالله تعالى أمر المؤمنين أن يكونوا مرهوبين من عدوهم، يخشاهم عدوهم ويحسب لهم ألف حساب، لان هذا سيجعلهم أمة مهيبة الجانب عزيزة لا يتجرأ أحد أن يغزوها)[2](.

5– التطرف الفكري:

أشار كتاب ابن منظور لسان العرب أن مفهوم التطرف يعني مجاوزة حد الاعتدال او حد التوسط، ويذهب الكثير من المفكرين الى ربط مفهوم التطرف بمفهوم الغلو وذلك لوجود دلالات لغوية في القرآن الكريم كقوله تعالى ( يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق )، والتطرف يعني الشدة او الصرامة او الافراط في الشيء او المغالاة، فضلا عن وجود الفاظ أخرى لها صلة بالتطرف كالانحراف الفكري او الإرهاب او التنطع، أما مفهوم الفكر فيعرف على انه مجموع الآراء والمبادئ والقيم السائدة في مجتمع معين في فترة زمنية محددة، ويقسم الفكر بحسب المجتمعات، فالفكر الأوربي قائم على أساس الديانة المسيحية فضلا عن الفكر المعاصر الذي ابتعد عن حكم الكنيسة كما هو الحال في الوقت الحالي، والذي يختلف عن الفكر الشرقي والفكر العربي، فالأول يعتنق عقيدة الروح والايمان بالأرواح أما الفكر الثاني (الفكر العربي) في منظومته فهو يشمل الفكر الإسلامي والفكر العربي وأخيرا الفكر العربي الإسلامي ويعرف التطرف على أنه “اتخاذ الفرد موقفا متشدداً يتسم بالقطيعة في استجاباته للمواقف الاجتماعية التي تهمه، والموجودة في بيئته التي يعيش فيها هنا والآن، وقد يكون التطرف إيجابيا في القبول التام، أو سلبيا في اتجاه الرفض التام، ويقع حد الاعتدال في منتصف المسافة بينهما”، ويمكن الاشارة الى أبرز أنواع التطرف وهي:

  • التطرف الفكري: من أخطر أنواع التطرف ويتمثل بالخروج عن القواعد الفكرية والثقافية السائدة في المجتمع ومن مظاهره التعصب للرأي وعدم تقبل آراء الآخرين .

  • التطرف الديني: وهو الخروج عن الاعتدال في الدين فكراً وعملاً ومن أنواعه التطرف لدين معين التطرف المذهبي وهو أيضاً من أخطر أنواع التطرف.

       ج-  التطرف السياسي: ويعني اتخاذ مواقف عنصرية متشددة تجاه الشعوب.

د- التطرف الأخلاقي: ويعني الخروج عن الاتزان الأخلاقي إما بالتشدد في تطبيق سلوك أخلاقي

معين أو في التخلي تماماً عن تطبيق ذلك السلوك، إن التطرف الديني والتطرف الفكري يمثلان أحد أكثر القضايا التي تؤرق المجتمعات الدولية، وتشكل تهديداً خطيراً لنمائها واستقرارها وتطورها، والمنبع الرئيس للعنف والإرهاب وتكريس آليات التخلف عبر التاريخ، ونتيجة لهذا الغلو الديني والتطرف الفكري، ظهر ما يسمى بظاهرة الإرهاب الفكري الذي تمارسه الحركات الإرهابية التي تتشح برداء ديني متشدد، وتقترف أبشع الجرائم باسمه)[3](.

 

أسباب الارهاب والتطرف الفكري في العراق

إن الشعور بالظلم الاجتماعي أو الفقر المدقع قد يدفع الأفراد إلى الانخراط في جماعات إرهابية بحثًا عن العدالة أو لتحسين أوضاعهم المعيشية، وكذلك فأن وجود التفاوت في الدخل وتوزيع الثروة، وكذلك صعوبة الحصول على السلع العامة، مما يسهم في نشوء الظاهرة الإرهابية في العراق.

وإن الفقر والبطالة يشكلان بيئة خصبة لنمو ظاهرة الإرهاب، إذ يؤدي الحرمان الاقتصادي إلى تعزيز مشاعر الإحباط واليأس، ما يدفع الأفراد إلى العنف كوسيلة للاحتجاج أو تحقيق مكاسب، وكما تتيح الظروف الاقتصادية المتدهورة فرصًا للجماعات الإرهابية لتجنيد الأفراد عبر استغلال تلك المشاعر، وإن تحسين الأوضاع الاقتصادية والتعليمية والصحية يقلل من احتمالية انخراط الأفراد في الإرهاب، ويضعف دوافعهم للتطرف([4])، ووصل الفقر في العراق عام2022 إلى نحو 25% من السكان، فيما تُقدر أعداد الفقراء في البلاد بنحو 11 مليونا من بين 42 مليونا هم عدد سكان العراق، وتتراوح نسبة الفقر مابين 22-25%، وتتصدر محافظة المثنى (جنوب غرب) المحافظات الأشد فقرا بنسبة 52%، تليها محافظتا الديوانية وذي قار جنوبا بنسبة 49%. وأن نسبة الفقر في المحافظات “المحررة من تنظيم داعش الارهابي” وصلت إلى 41% كما في محافظة نينوى (شمالا). أما في الوسط فتتراوح نسبة الفقر بين 15-17%، في الوقت الذي تجاوزت فيه العاصمة بغداد نسبة 12% وهو ما ينطبق على مدن إقليم كردستان)[5](.

 

كيفية توظيف الطالب الجامعي في مواجهة الارهاب والتطرف الفكري

  • توعية الطلاب اعلاميا:

يبدو من الافضل خوض معركة ثقافية تعري جذور فكر داعش الارهابي وتأويلاته التي تمسخ المفاهيم والنصوص الدينية أمام المجتمع عموما وطلاب الجامعات ولا سيما حيث أن من الصعب التصدي لهذه التنظيم التكفيري الإرهابي إلا عبر حركة فكرية منظَّمة ومكثفة يقودها كبار المفكرين والمثقفين، ومن ثم ينبغي على الحكومات تخصيص ميزانية لدعم هؤلاء في تنفيذ مشاريع ثقافية تساعد على قراءة التاريخ الإسلامي والمفاهيم والنصوص التي أوَّلتها داعش والمنظمات المتطرفة الأخرى مستخدمةً التضليل كسلاح تطيح من خلاله بكافة شرائح المجتمع، وخاصة جيل الشباب.ومن قبيل التذكير بدور وزارتي الثقافة العراقية والسياحة والاثار والتعليم العالي والبحث العلمي ممارسة أدوارهما وواجباتهما أمام هذا التحدي الذي يواجهنا، من خلال تشجيع طلاب الجامعات على تشكيل مجموعات صغيرة وإدراجها تحت شعار “لا للإرهاب”، اقتداءا بالمجموعة التي أُطلقت على نفسها في إنجلترا حيث عمل شابان وفتاة على تأسيس موقع توعية للشباب يساعدهم على عدم الانجرار وراء تضليل داعش، ويجب ألا يقتصر الأمر على مبادرات كهذه، بل ينبغي اتّخاذ خطوات أكثر جدّية مثل إدراج مادة في المناهج العربية تظهر همجية الإرهاب وخطورته وآثاره في تأخير نهضة البلاد المُجهضَة قسرًا، وتنظيم محاضرات دورية في الجامعات والكليات  تكشف حقيقة التنظيمات الإرهابية وأساليبها المخادعة وإغراءاتها الوهمية، مع نشر أدبيات وتوزيعها توعية للطلاب وحثهم على مواجهة خطاب هذا التنظيم الشيطاني)[6](.

  • أفتتاح أكاديميات أفتراضية لمكافحة الارهاب والتطرف الفكري:

يمكن الافادة من الخبرات الدولية لافتتاح أكاديميات أفتراضية لمكافحة الارهاب والتطرف الفكري تكون مفتوحة للجميع ومن ضمنهم طلاب الجامعات والدراسة فيها مجانية لتلقي خبرات شرطوية وأمنية، وحتى أستخبارية كما ماتقوم به أكاديمية الإنتربول الافتراضية التابعة الى منظمة الانتربول المعروفة باسم منظمة الشرطة الجنائية الدولية ومقرها مدينة ليون الفرنسية لأفراد إنفاذ القانون في الدول الأعضاء دورات تدريب رقمية، وتطرح الاكاديمية الافتراضية المقترحة الدورات التي يمكن أن يقدمها مدربون وأخرى متكيفة مع الاحتياجات الشخصية يستفيد منها الذين تمس حاجتهم إليها،عندما يحتاجون إليها، تتناول مجموعة واسعة من الموضوعات المتصلة بالعمل الشرطي من قبيل مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر والجريمة السيبرية، وكذلك مسائل المساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان في سياق إنفاذ القانون، وهذه الدروس التي يقدمها مدربون متخصصون في مجموعات صغيرة من المشاركين تستغرق عموما ما بين أربعة وثمانية أسابيع، ويُنشر محتواها في بوابة مخصصة بشكل يومي أو أسبوعي، ويمكن للمشاركين الوصول إلى أشرطة فيديو ومجموعات دروس إلكترونية وملفات صوتية ومقالات واختبارات وغيرها، وفي وسعهم التفاعل مع نظرائهم في إطار حلقات دراسية شبكية ومنتديات، وتتضمن الاكاديمية مكتبة أفتراضية تتالف الكثير من الملفات المحملة من قبيل المؤلفات النظرية والمبادئ التوجيهية الموجهة للطلبة الدارسين من مختلف الاعمار والاجناس الراغبين في التعمق في دراسة بعض المواضيع ويمكنهم طلب الوصول الدورات بتوجيه رسالة عن طريق استمارة اتصال إلكترونية خاصة.بعد تقييم الطلبات وقبولها، يحيل مسؤول  موقع  الاكاديمية  الافتراضية المعلومات اللازمة لدخول المنصة بشكل مأمون([7]).

أنعكاسات مشاركة الطالب الجامعي في مواجهة الارهاب والتطرف الفكري

  • أنعكاسات سياسية:

من أبرزالانعكاسات السياسية لمشاركة طلبة الجامعات في استراتيجيات مواجهة الارهاب والتطرف الفكري جعل الطلب مع زملائه زمرة مجتمعية غير حكومية تساند خطط الدولة في هذا المجال فالطالب يتصدى ميدانيا الى كل الخطابات التكفيرية والمتطرفة سواء في الاسرة أو المحلة أو المجتمع وفي جامعته وحتى في التجمعات الشبابية والمجتمعية والنوادي الرياضية وقاعات التدريب الرياضية، لانه مسلح فكريا ليكون عين الدولة واداتها الفاعلة لمقارعة الافكار المسمومة والتضليلية الموجهة تجاه شرائح المجتمع الرخوة ولا سيما المراهقين وذوي الشخصيات الضعيفة للتقرب منهم وأيضاح الطرق والاساليب التي تستخدمها المنظمات الارهابية لنشر خطابهم التحريضي في المناطق والازقة والمحلات التي لها أستعداد لتقبل الافكار المتطرفة بسبب وجود معتقلين لهم متهمين بالارهاب لدى الجهات الامنية، والفقراء، والمعوزين، والمنغلقين دينيا وأجتماعيا على أنفسهم.

  • أنعكاسات أمنية:

يمكن دعم الخطط الامنية والاستباقية لمواجهة الارهاب والتطرف الفكري عبر الاعتماد على المعلومات التي يمكن أن تتوفر لدى طلبة الجامعات لايصالها الى الجهات الامنية منها التبليغ الفوري عن الجرائم، ومُحاصرة المجرم إن أمكن حتّى يصل رجال الأمن اليه والإدلاء بشهادة صادقة ضدّ المجرم في المحكمة، ومراقبة المحال والمنشآت والتبليغ عن أيّة حركات مريبة، والمساعدة في البحث عن المفقودين أو الهاربين من العدالة، والالتحاق والمساعدة في الوِرَش التوعوية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في المدارس، ومساعادة أجهزة الأمن في مختلف الأعمال، مثل: تنظيم حركات المرور والتجمّعات، وأعمال النجدة، والاهتمام بالأحياء المجتمعية، وتؤدي هذه العلاقة التشاركية في الحفاظ على الأمن إلى ظهور مفهوم الشرطة المجتمعية والتي تُعرف أنّها استراتيجية وسياسة تهدف إلى ضبط مستوى الجريمة، وتحسين الحياة، وزيادة الأمن من خلال تعاون الشرطة مع المجتمع المحلي، فللشرطة المجتمعية عنصران أساسان هما: المجتمع المحلي والنجدة([8]).

  • أنعكاسات أجتماعية:

إن من أهم الانعكاسات الاجتماعية لمشاركة طلبة الجامعات في مواجهة الارهاب والتطرف الفكري ترسيخ التآخي الاجتماعي واللحمة الوطنية من أجل مكافحة التطرف والإرهاب الفكري وتكثيف كل الجهود للعمل ضمن المواطنة والوطن الواحد، ويعد كل من المواطنة والارهاب مصطلحين متناقضين؛ وذلك لان الارهاب ينشأ نتيجة ضعف وجود المواطنة والشعور بالانتماء للوطن، وان تعزيز قيم المواطنة والذي يقع على عاتق الدولة وتنشئة الافراد على حس الانتماء  الوطني من شأنه ان يكون جانبا وقائيا وعلاجيا لردعهم من الانضمام الى الجماعات الارهابية واغراءاتها والتي تعتمد بشكل أساس استغلال حاجة الفرد للانتماء، وخلاف ذلك فان وجود حالة  من الضعف لمفهوم المواطنة التي يمكن ان يعاني منها المواطن سيؤثر على أزدياد الظواهر الارهابية التي تستهدفة زعزعة الامن الداخلي وان مشاركة طلاب الجامعة في مواجهة  الارهاب والتطرف الفكري سيعزز من مفهوم المواطنة امام المواطن وتعزيز ثقته بهذه القيمة   التي تؤمن له  المجتمع المتماسك([9]).

 

الاستنتاجات:

توصل هذا البحث الى عدد من الاستنتاجات وأهمها:

  • الفقر والعوز المعيشي ودور الشائعات ووجود خلايا نائمة لتنظيم داعش الارهابي.

  • يمكن توظيف الطالب الجامعي في مواجهة الارهاب والتطرف الفكري عبر توعية الطلاب أعلاميا، وادخال طلاب الجامعات الدورات التوعوية لمواجهة الارهاب والتطرف الفكري، وأقامة محاضرات توعوية من قبل الاجهزة الامنية المتخصصة، وتشجيع المواهب الشبابية في الجامعات لمواجهة الارهاب والتطرف الفكري، وأقامة مسابقات الابتكار في دعم العمل الامني لمواجهة الارهاب والتطرف الفكري.

  • من الانعكاسات على مشاركة الطالب الجامعي في مواجهة الارهاب والتطرف الفكري هي أنعكاسات سياسية و أمنية، وأنعكاسات أجتماعية.

التوصيات:

يمكن طرح بعض التوصيات التي يمكن أن تسهم في عملية توظيف الطالب الجامعي في مواجهة الارهاب والتطرف الفكري وكما يأتي:

1- تشكيل خلايا عمل من طلاب الجامعات لرصد الشائعات في مناطقهم السكنية وداخل جامعاتهم وايصالها الى الاجهزة الامنية المتخصصة (الشرطة المجتمعية) لمعالجتها.

2- تدريب طلاب الجامعات لكشف الخلايا النائمة للتنظيمات الارهابية من قبل الاجهزة الامنية المتخصصة.

3- دعم الابتكارات الشبابية من طلاب الجامعات معنويا وماديا لصناعة الاجهزة التي تستفيد منها الاجهزة الامنية المتخصصة.

4- أفتتاح أكاديميات أفتراضية لمكافحة الارهاب والتطرف الفكري تكون مفتوحة للجميع ومن ضمنهم طلاب الجامعات والدراسة فيها مجانية لتلقي خبرات شرطوية وأمنية، وحتى أستخبارية.

 

المصادر

  • المراجع والمصادر باللغة العربية

2- الموسوعات

       3- حسن (1999) إحسان محمد، موسوعة علم الاجتماع، بيروت،الدار العربية للموسوعات.

       4- القواميس والمعاجم

       5- القاموس العملي للقانون الانساني، ورد على الموقع التالي:-

https://ar.guide-humanitarian-law.org/content/article/5/rhb/

       6- مصطفى(1972)إبراهيم، وآخرون،المعجم الوسيط،القاهرة المكتبة الإسلامية للطباعة والنشر.

      7- الكتب

      8- الاسود(1990)صادق، علم الاجتماع السياسي (أسسه وأبعاده)، بغداد، مطبعة دار الحكمة، جامعة بغداد.

     9-  الرسائل والاطاريح الجامعية

    10- العبدلي(2006)، أعياد عبد الرضا، دور مصر في النظام الشرق أوسطي وأفاقة المستقبلية، رسالة ماجستير (غير منشورة)، بغداد، كلية التربية (أبن رشد)، جامعة بغداد.

    11- البحوث والدراسات

 12- الحديثي (1999) هاني الياس خضر، العراق ومحيطة العربي: دور العراق كموازن إقليمي، مجلة دراسات إستراتيجية، بغداد، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، العدد6.

13- م.د. الصالحي(كانون الاول/ديسمبر2019)،حنان، خالد أبراهيم جواد، دور المواطنة في مكافحة الارهاب لدى طلبة الجامعة، وقائع مؤتمر المعالجات الاكاديمية للمشكلات العراقية السياسية والاجتماعية،عدد خاص، بغداد، كلية الاداب، جامعة بغداد.

14- م.م حسين و.أم.د.حمه(1/6/2025)،أميد محمد،كامران أحمد، أثر العوامل الاقتصادية في نشوء الارهاب: دراسة تحليلية لبعض النظريات، https://www.centerfs.org/ar/1-vol8-no18/ تأريخ المشاهدة8/8/2025

15- الصحف

16- د. الحميدي(3 كانون الاول/ديسمبر2010)، خالد صالح، حول ماهية  المواجهة وبعض أنواعها، صحيفة الاقتصادية السعودية، ورد على الموقع التالي:-

https://www.aleqt.com/2010/12/03/article_475129.html

17- المواقع الالكترونية

18- الاكاديمية الافتراضية، موقع الانتربول، ورد على الموقع التالي:- https://www.interpol.int/ar/2/6/4.

19- زريقي(2021)معاذ، من هو طالب الجامعة الحقيقي، ورد على الموقع التالي:-

https://anwan.me/4048511cc5a1                                      .

20- الشوابكة(10اذار2021)مراد، دور المواطن في المحافظة على الأمن، موقع موضوع، ورد على الموقع التالي:- https://mawdoo3.com/

21- ظاهرة التطرف الفكري والسلوك العدواني في المجتمعات الاوروبية: حرق القران الكريم أنموذجا(26/7/2023)، موقع بيت الحكمة العراقي، ورد على الموقع التالي:-

https://baytalhikma.iq/News_Details.php?ID=1810.

22- فاخر(17/10/2022)عادل، ربع العراقيين فقراء هكذا القت الحروب والفساد والانسداد السياسي بثقلها على أحد أغنى البلدان بالنفط، موقع الجزيرة.نت،ورد على الموقع التالي:-

https://www.aljazeera.net/politics/2022/10/17/.

23- مشتاوي(18يوليو2016)مريم، الثقافة هي الحصن الأخير لمواجهة داعش، موقع أيلاف، ورد على الموقع التالي:-

https://elaph.com/Web/Archive/1020995.html?source=Web&rub=opinion&year=2015&month=7&entry=writers&page=5&per-page=10.

Dictionaries  -24

     New websters Dictionary, U.S.A  Lexicon Publications, 1993 -25

([1]) د.الحميدي (3كانون الاول/ديسمبر2010)، خالد صالح، حول ماهية  المواجهة وبعض أنواعها، صحيفة الاقتصادية السعودية، ورد على الموقع التالي:-

https://www.aleqt.com/2010/12/03/article_475129.htmlتأريخ المشاهدة10/4/2024.

([2]) العلي(1/12/2006)، حامد بن عبد الله، ماهو تعريف الاسلام للارهاب، موقع طريق الاسلام، ورد على الموقع التالي:- https://ar.islamway.net/fatwa/267تأريخ المشاهدة8/8/2025.

([3]) ظاهرة التطرف الفكري والسلوك العدواني في المجتمعات الاوروبية: حرق القران الكريم أنموذجا (26/7/2023)، موقع بيت الحكمة العراقي، ورد على الموقع التالي:-

https://baytalhikma.iq/News_Details.php?ID=1810 تأريخ المشاهدة 10/4/2024.

([4]) م.م حسين و.أم.د.حمه (1/6/2025)، أميد محمد، كامران أحمد، أثر العوامل الاقتصادية في نشوء الارهاب: دراسة تحليلية لبعض النظريات، https://www.centerfs.org/ar/1-vol8-no18/تأريخ المشاهدة8/8/2025

(([5] فاخر(17/10/2022)عادل، ربع العراقيين فقراء هكذا القت الحروب والفساد والانسداد السياسي بثقلها على أحد أغنى البلدان بالنفط، موقع الجزيرة.نت، ورد على الموقع التالي: https://www.aljazeera.net/politics/2022/10/17/ تأريخ المشاهدة 10/4/2024

([6]) مشتاوي(18يوليو2016)مريم، الثقافة هي الحصن الأخير لمواجهة داعش،موقع أيلاف، ورد على الموقع التالي https://elaph.com/Web/Archive/1020995.html?source=Web&rub=opinion&year=2015&month=7&entry=writers&page=5&per-page=10تأريخ المشاهدة10/4/2024.

([7]) الاكاديمية الافتراضية، موقع الانتربول، ورد على الموقع التالي https://www.interpol.int/ar/2/6/4 تأريخ المشاهدة10/4/2024

([8]) الشوابكة(10اذار2021)مراد، دور المواطن في المحافظة على الأمن، موقع موضوع، ورد على الموقع التالي: https://mawdoo3.com/تأريخ المشاهدة11/4/2024

([9]) م.د.الصالحي(كانون الاول/ديسمبر2019)، حنان، خالد، أبراهيم، جواد، دور المواطنة في مكافحة الارهاب لدى طلبة الجامعة، وقائع مؤتمر المعالجات الاكاديمية للمشكلات العراقية السياسية والاجتماعية، عدد خاص، بغداد، كلية الاداب، جامعة بغداد، ص353-354.

 

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى