تقييم مخاطر مراكز المساج والعمالة الوافدة في تشكيل خرائط العدوى
بقلم: د. حسن هاشم حمود
باحث في مركز الفيض العلمي لاستطلاع الرأي والدراسات المجتمعية
من المواضيع الأكثر اهتمامًا في عصرنا الحالي مرض السيدا/ الإيدز الذي نشر خيوطه في المجتمعات المتقدمة والنامية لكن بنسب متفاوتة بحيث انتشر في كل بقاع العالم في مدة لا تتجاوز الأربع سنوات عن تاريخ اكتشافه الاول، فهو مرض يعمل بمبدأ الكونية والعولمة لا يعترف بالحدود لسهولة تنقل الأفراد بين البلدان، وسهولة تواصل الدول، ولقد حصد هذا المرض الكثير من الارواح في شتى انحاء العالم، إذ يعد رابع اسباب الوفيات فيه بحسب برنامج الأمم المتحدة من بين 33300000 حامل للفايروس في العالم، ONUSIDA المشترك الخاص بفيروس نقص المناعة المكتسب. هذا المرض يعد من أخطر الأمراض أيضًا، لأنه لا يخضع لإحصائيات دقيقة، لأن ارقام المصابين بالفيروس غير معروف، والسبب أن المرض لا تتم معرفته والإعلان عنه إلا بعد مرور سنوات، كما أن المريض قد يحمل الفيروس دون أن يعلم، فضلًا عن ما يحمله المرض من وصم اجتماعي تجعل بعض المصابين يترددون ويمتنعون عن اعلانهم الإصابة به، وتعترف منظمة الصحة العالمية ان هناك عدد كبير من حاملي الفيروس غير المعلن عنهم في العالم.
ويعرف مرض الايدز(AIDS) بالإنجليزية، والسيدا(SIDA) بالفرنسية، ومرض نقص المناعة المكتسبة بالعربية، لقد تم التعرف عليه لأول مرة كحالة سريرية في عام 1981 بالولايات المتحدة الامريكية، وفي عام 1983 تم اكتشاف فيروس الايدز في معهد باستير للبحوث في فرنسا، ومن ثم تم تأكيد الاكتشاف في عام 1984 في أمريكا واخيرًا تم تشخيصه مخبريًا عام 1985.
سمي الفيروس المكتشف بـ (HIV)، كما اكتشف فيروس أخر سنة 1986 أطلق عليه (VIH2) يكون مسؤول بدوره عن المرض، وقد اعلنت منظمة الصحة العالمية أن مرض الايدز يعد المسؤول الأول عن عدد الوفيات في الدول الأفريقية، والرابع عالميًا، إذ يقدر عدد المصابين به حوالي 50 مليون شخص من 60% في القارة الإفريقية، كما تقدر عدد الوفيات كل سنة حوالي 1.5 مليون شخص، وأمام هذه الصورة القاتمة للمرض وانعكاساته الوخيمة فإنه لابد من معرفة أعراضه وطرق انتقاله وكيفية الوقاية منه ولما يرافقه من مشكلات اجتماعية وثقافية.
فيروس نقص المناعة البشرية من النوع الثاني (HIV-2) هو فيروس يسبب مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)
اولاً: المقاربة التأويلية الثقافية للمرض
هذه المقاربة تحاور الصحة والمرض من منظور أنثروبولوجي ويتطلب منا الأمر التمييز بين التفسير والتأويل، يعنى بالتفسير Explication في العلوم الاجتماعية البحث عن اسباب الظاهرة .بينما التأويل Interprétation هو الكشف والتنقيب عن المعاني التي يضفيها الفاعل على سلوكياته وعلى انشطته وممارساته، والنظرية الانثربولوجية تركز على التأويل اكثر منه على التفسير، هذه المقاربة التأويلية تبحث عن اقاليم المعنى، ومن أهم الباحثين الذين صاغوا هذا التقليد ارثور كلينمان في كتابه “روايات المرض” وفق هذا المنظور يعد المرض نموذجًا تأويليًا بعده، اي المرض ينتمي إلى الثقافة فهو يبنى ويؤول ثقافيًا، والثقافة هنا لا يقصد بها ارثور كلينمان مجرد أداة لتمثل المرض بل هي اساسية ومحورية في تشكل المرض كحقيقة إنسانية، بصيغة أخرى المرض من منظور تأويلي ثقافي لا تقتصر معرفته فقط على الطبيب أو المعالج وإنما حتى المرضى يعرفون مرضهم، فحتى المريض قادر على معرفة مرضه استنادًا إلى ارتكانه إلى التأويل والمنطلق طبعًا هو المرجعية الثقافية، أن هذه الأنشطة التأويلية التي يقوم بها الفرد وتقوده إلى معرفة المرض تدل على التفاعل بين ما هو بايولوجي وبين الممارسات الاجتماعية والأنشطة الثقافية، فالجسد لا يمكن فصله عن ثقافته فمثلًا، إذا اخذنا شخص مصاب بالسيدا نقص المناعة المكتسبة فغالبًا ما يتم ربط المرض بتمثلاتنا حول المرض لذلك سنربط مباشرة مرض السيدا باعتباره عقاب الهي، او نحيله الى الجانب الجنسي الناجم عن البغاء الفوضوي او العبثي ومن ثم قد يدفع ذلك المريض الى التخوف من ردة الفعل الاجتماعية التي يترتب عليها عملية وصم اجتماعي قد لا تشمل المريض وحده فقط، بل قد يتجاوزه ويمتد إلى بقية أفراد اسرته وتفرض عليهم نوع من الاستبعاد الاجتماعي وعزلتهم الاجتماعية عن محيطهم الاجتماعي مما يترتب على ذلك قيام المريض بإخفاء مرضه الامر الذي سيضاعف من خطورة المرض له ولأسرته وللمحيطين به.
وهذا المرض مقرون بالأنماط الثقافية السائدة المؤسسة على الاستهلاك وفقدان السيطرة على الذات ومن ثم كل الأمراض هي نتاج تأويلي ثقافي ويعلل ارثور كلينمان موقفه بأن نفس المرض أو العاهة أو الإعاقة تتمثل حسب المرجعيات الثقافية في كل ارجاء العالم، ولذلك يؤكد على أهمية البناء الثقافي في تشكيل المرض.
ومن الجدير بالذكر ان اعتلال الصحة وتراجع مستوى وظائف اعضاء الجسم كان في السابق يرجع الى الظروف البيولوجية والطبيعية لكن مع تقدم العلوم والدراسات وتداخل العلوم الإنسانية مع العلوم الطبية بدأ الاهتمام بالعوامل الاجتماعية والنفسية والثقافية والاقتصادية وجعلها من الاولويات التي لها دور في حدوث الامراض وانتشارها، إذ اثبتت هذه العلوم ان انتشار المرض يرتبط بشكل كبير بالعوامل والظروف الاجتماعية والنفسية والثقافية والعادات والتقاليد والمعتقدات، ومن هذه التحديات الوصمة الاجتماعية، والتمييز، والعلاقات الجنسية، والإفصاح عن الحالة الصحية لفيروس HIV أمام الأسرة أو الأصدقاء أو الشركاء الجنسيين، بالإضافة إلى مشكلات الصحة النفسية، والظروف الاجتماعية والاقتصادية، وقرارات العلاج. كل هذه العوامل تجعل حياة الأشخاص المتعايشين مع فيروس HIV/الإيدز صعبة، لا سيما في الدول النامية.
ثانيًا: مراحل ظهور المرض: يمكن إيجاز أعراض المرض في مرحلتين هامتين
المرحلة الأولى: وهي فترة حضانة المرض، حيث تبدأ هذه المرحلة منذ دخول فيروس الإيدز جسم الإنسان، وظهور الأعراض المرضية عليه، وهي تتغير من شخص إلى آخر، فيطلق على الشخص هنا بأنه حامل للفيروس وهو ليس مريض بالإيدز، تتغير هذه الفترة من شخص إلى آخر فقد تصل عند البعض إلى 10 سنوات، فالأجسام المضادة للفيروس هنا لا تظهر بعد دخوله جسم الإنسان إلا بعد فترة زمنية قد تستغرق من ستة أسابيع إلى ستة أشهر، وقد تصل إلى 3 سنوات بعدها يصبح الشخص مصاب بالمرض، لكن لا يظهر عليه ذلك إلا بالتحاليل والفحوصات الطبية.
المرحلة الثانية: وهي فترة ظهور أعراض المرض، وهذا بعد الانهيار التام لجهاز المناعة لدى المصاب، حيث يصبح عرضة لكافة أنواع العدوى، فتظهر على المريض الإصابات الرئوية، تضخم الغدد اللمفاوية، تأثر الجهاز العصبي المركزي، الإصابات المعدية المعوية، إضافة إلى الإصابات الجلدية في مناطق مختلفة، وينتهي الأمر بظهور الأورام السرطانية، وكذا الحمى والتعرق الليلي، النقص في الوزن، الإسهال، السعال الجاف، الآم في العضلات، الطفح الجلدي، التهاب الفم وتقرحات فموية مؤلمة، تورم الغدد اللمفاوية يطلق عليها العقد ايضًا خاصة في اعلى الرقبة، فقدان الوزن… إلخ.
ثالثاً: التتبع التاريخي لمرض الايدز في العراق
يعد العراق من الدول العربية الإسلامية ولا يختلف كثيرًا عن محيطه الإسلامي وبطبيعة الثقافة الإسلامية التي تحرم الممارسات الجنسية خارج الزواج، فضلاً عن الضوابط الاجتماعية القانونية والعرفية التي تمنع ممارسة الجنس خارج الزواج، واستطاعت هذه القيود ان تحجم مرض الايدز وتجعل نسب انتشاره ضئيلة جداً مقارنتًا ببقية الدول غير الإسلامية، لذلك يُعد انتشار فيروس نقص المناعة البشرية منخفضًا جدًا عندما يلعب الدين دورًا رئيسًا في المجتمعات، وعندما تكون ممارسات الدعارة وتعاطي المخدرات غير قانونية وغير مقبولة اجتماعيًا.
كما ان هذا المرض في بعض الاحيان يكون سبب انتشاره او الاصابة به ناجم عن طرق لا ارادية كعمليات نقل الدم الملوث بهذا الفيروس في اثناء نقله لبعض المصابين بأمراض الدم، ففي احدى الدراسات التي طبقت على مجموعة من المصابين بأمراض الايدز في العراق والتي كان فيها العدد الإجمالي للمرضى (247) وهو يمثل فقط الحالات المسجلة من الفترة بين 1986 حتى 2005. بلغت نسبة انتشار المرض (0.00095 لكل 100,000 نسمة)، وكانت الفئة العمرية الأقل من 20 سنة تمثل (34.8%) من الحالات، أما بالنسبة لأكثر الحالات المصابة بالمرض كانت من الاطفال المصابين بأمراض الدم، فكانت نسبتهم (44.9%)، وقد اشرت الدراسة انه كان أكثر مسار لانتقال العدوى شيوعًا هو الطريق الوريدي (parental route) بنسبة 84.6%، والسبب في ذلك هو عمليات نقل الدم الملوث بالفيروس. وكان من بين العدد الإجمالي 247 حالة، كان 64 مريضًا فقط على قيد الحياة، بينما توفي الباقون.
وحسب تصنيف منظمة الصحة العالمية يعد العراق من البلدان ذات التوطن المنخفض للمرض ولا تتعدى نسبة الاصابة 1 بالمئة من عموم البلاد، فيما تسجل الاحصاءات الرسمية ان عدد المصابين لغاية عام2018 هو 377 مصابًا، منها 224 اصابة للعام نفسه والأخرى قديمة تعود لعدة سنوات، والإصابات في تزايد مستمر، وذلك بسبب تزايد عوامل الخطورة بيد ان هناك في دول الجوار تصل اصاباتها الى 90 الف اصابة الامر الذي بين الفرق الهائل في هذا المجال كما ان الاصابات تزداد بين الرجال اكثر من النساء فهنالك 102 اصابة بين الرجال مقابل 22 اصابة بين النساء خلال العام 2018.
وفي الوقت الراهن اعلنت وزارة الصحة في حكومة إقليم كوردستان، في 2 كانون الاول 2025 عن (87) إصابة جديدة بالإيدز من أصل (609,306) فحوصات شملت مختلف محافظات اقليم كوردستان وقال المتحدث عن وزارة الصحة في اقليم كوردستان في تصريحه لجريدة الصباح إن (23) حالة تخص مواطنين ومقيمين داخل الإقليم بينما تعود (64) حالة لأشخاص من جنسيات اجنبية.
وفي وقتٍ سابق أكدت وزارة الصحة في بغداد، توثيق إجراءات وفحوصات الأمراض الانتقالية للوافدين، فيما بينت أن إصابات الإيدز محدودة جداً مقارنة بعدد السكان. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة، سيف البدر، في تصريح للوكالة الرسمية تابعته “بغداد اليوم”، إن الإصابات بمرض الإيدز في العراق كانت وما تزال ضمن مناطق التوطّن المنخفض جدًا، فالإصابات منذ بداية ظهور هذا المرض لغاية الآن قليلة جدًا مقارنة بعدد السكان، لافتًا إلى أن الإصابات التي يتم تسجيلها من خلال محطات الكشف المبكر والغربلة قبل إجراء العمليات أو أثناء الفحوصات المطلوبة قبل الإجراءات الجراحية وفحوصات ما قبل الزواج ونقل الأعضاء وغيرها.
وأضاف أن أعداد الإصابات ما تزال محدودة وكل حالة تتابع بشكل دقيق من قبل المركز الوطني للعوز المناعي والشعب المرتبطة به في بغداد والمحافظات، ومن ناحية قدرة التشخيص والأدوية والمستلزمات المطلوبة لا يوجد هنالك نقص أو ثغرة في هذا الموضوع، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة تعتمد على دور الإعلام في نشر التثقيف والوعي الصحي حول هذا المرض وطرق انتقاله والوقاية منه.
وأوضح البدر أن “هنالك آلية متبعة مع وزارة الداخلية- مديرية الإقامة والجوازات، للذين لديهم فترة بقاء محددة في العراق سواء كانوا في العمل أو السياحة، لا بد من إجرائهم الفحوصات في مراكز محددة من وزارة الصحة، وهنالك إجراءات وتوثيق دقيق خاص بهذا الموضوع ومتابعة حثيثة”.
رابعًا: طرق انتقال المرض
ينتقل فيروس نقص المناعة (الإيدز) مع الخلايا اللمفاوية والمساعدة التي توجد بالدم والسائل المنوي، اللعاب، الدموع، لبن الأم والبول، حيث يوجد في كل سوئل الجسم وإفرازاته الخارجية والداخلية، فهو ينتقل أساسًا عن طريق الدم والسائل المنوي باعتبارهما يحتويان على الخلايا اللمفاوية المساعدة بشكل كثيف، ومنه تنتقل عدوى المرض بالطرق التالية:
الاتصال الجنسي مع الشخص المصاب بالمرض.
نقل الدم أو مشتقاته أو نقل أعضاء الجسم أو الأنسجة في بعض الحالات المرضية، فإذا كان هذا الدم أو المكونات أو الأعضاء ملوثًا بالفيروس فإنه ينتقل إلى المرضى المنقول لهم.
من الأم المصابة بالعدوى إلى جنينها أثناء الحمل، أو بعد الولادة بواسطة حليب الثدي.
ملامسة الأشخاص فيما بينهم عند وجود العرق على جسم المصاب واللعاب عند استعمال بعض الأدوات كملعقة الأكل وفرشاة الأسنان … إلخ.
ويعد نقل الدم من أسباب نقل المرض اللاإرادي، أو عن طريق الخطأ للأشخاص، بخلاف الممارسات الجنسية أو عن طريق حقن مدمني المخدرات، التي تعد من الطرق العمدية والإرادية لنقله.
جوانب أخرى في العراق قد تساعد في ارتفاع نسب الإصابة بالمرض وهي:
زيادة وجود مراكز المساج والتدليك في بغداد، مما أثار مخاوف السلطات من احتمال انتشار الأمراض المنقولة جنسيًا في صالونات تقدم خدمات جنسية سرية، وقد يساهم هذا في زيادة حالات الإصابة الجديدة بفيروس HIV
انتشار ممارسة الوشم والحجامة وطريقة الوخز بالابر الصينية التي قد تستخدم فيها ادوات ملوثة او يتشاركها أكثر من شخص، كذلك انتشار مراكز التجميل التي تجري فيها تداخلات طبية وجراحية بأدوات قد تكون ملوثة.
الزيادة الكبيرة في اعداد العمالة الوافدة، فالكثير من العاملات الأجنبيات في العراق من اللواتي دخلن إلى البلاد بشكل غير قانوني، وتحت رعاية مكاتب تعمل بشكل غير رسمي، مع عدم اخضاعهن الى الرقابة والفحص الطبي لإجازة دخولهن إلى العراق مما قد يحتمل ذلك ان بعضهن قد يكونن حاملات للفيروس ويسهم ذلك في انتشاره مستقبلًا.
تحسن الوضع الاقتصادي لبعض الشباب الذي سهل من زيادة سفرهم خارج البلد لأغراض السياحة الجنسية الغير خاضعة للرقابة الصحية.
تفشي ظاهرة المخدرات في البلد مع تنوع أنواع المخدرات ومنها التي تحتاج إلى استخدام الحقن التي يتبادلها المتعاطون مما يسمح ذلك بانتشار الفيروس بينهم عندما يكون أحدهم حامل للفيروس.
خامسًا:آليات الوقاية من الإصابة بمرض نقص المناعة (الايدز)
استمرار المراقبة الوبائية لجميع الفئات المعرضة للخطر.
حملات التثقيف الصحي باستخدام وسائل الإعلام المختلفة، مع التركيز على الفئات عالية الخطورة والمناطق ذات الانتشار المرتفع.
ضمان سلامة الدم ومنتجاته، وتشديد الرقابة الصحية من خلال الفحص المناسب لفيروس HIV/AIDS.
توفير مرافق تشخيصية وأدوية مضادة للفيروسات الرجعية (ART) فعالة.
رفع كفاءة العاملين من خلال الدورات التدريبية المنتظمة.
توجيه المصابين بعدم مراجعة المؤسسات الصحية بدون علم وتنسيق مسبق مع شعبة السيطرة على الايدز والمركز العلاجي والارشادي في محافظاتهم.
تقديم المشورة للمصابين وملامسيهم في مواضيع الزواج والانجاب والرضاعة الطبيعية لمساعدتهم على اتخاذ القرار بالزواج والانجاب والرضاعة الطبيعية او الامتناع عنها وحسب ظروف وحالة كل مصاب.
توجيه المصابين بضرورة عدم التبرع بالدم (الا لأغراض علاجية مثل زيادة كمية الهيموغلوبين وبعلم وتنسيق شعبة السيطرة على الايدز والمركز العلاجي والارشادي) وعدم التبرع بالأعضاء.
فرض الرقابة الصحية الصارمة على مراكز التجميل والوشم والمساج، واغلاق غير المرخصة منها ومحاسبة المسؤولين عنها.
إنهاء الصمت والخجل وتخفيف والوصمة: تمنع الوصمة والتمييز الشباب من السعي لتبني استراتيجيات الوقاية مثل الاستشارات الطوعية والفحوصات لفيروس نقص المناعة البشرية والأمراض المنقولة جنسيًا، واستخدام الواقيات الذكرية، والالتزام بالعلاج، أو الإفصاح عن حالتهم الصحية لشركائهم، يفضل كسر الصمت ومواجهة الوصمة والتمييز لخلق بيئة مناسبة تسمح بنجاح مبادرات الوقاية.
تشجيع الاستشارات والفحوصات الطوعية والسّرية لفيروس نقص المناعة البشرية: أظهرت الدراسات اهتمام الشباب بمعرفة حالتهم الصحية، تتيح الاستشارات والفحوصات الطوعية للمراهقين تقييم سلوكياتهم وعواقبها، كما توفر نصائح ومهارات للحفاظ على عدم الإصابة بالفيروس، وتوفر نقاط إحالة ضرورية للحصول على العلاج والدعم لأولئك المصابين.
تزويد الشباب بالمعرفة والمعلومات: يحتاج المراهقون إلى معرفة الحقائق حول فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز قبل أن يصبحوا ناشطين جنسيًا، ويعد التعليم الأساسي بمعلومات دقيقة وموثوقة حول الجنس وفيروس نقص المناعة البشرية في المدارس والمجتمعات ووسائل الإعلام أمرًا ضروريًا لرفع مستوى الوعي بخطورة هذا المرض.
الخاتمة
يُظهر تحليل وضع فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز في العراق أن المرض لم يعد مجرد قضية صحية منفصلة، بل ترافقه تبعات اجتماعية وثقافية تحتاج إلى وضع الحلول والمعالجات على مختلف المستويات. على الرغم من أن العراق يُصنَّف ضمن الدول ذات الانتشار المنخفض للفيروس، فإن الاتجاه التصاعدي في الحالات خلال العقد الأخير، وارتفاع الإصابات بين الفئات الشابة، واتساع انتشار مراكز المساج والوشم غير المرخّصة، كلها مؤشرات تدعو إلى القلق وإلى ضرورة إعادة تقييم سياسات الوقاية والمكافحة.
من الناحية الصحية، يتطلب الحد من انتشار الفيروس تعزيز أنظمة الرصد الوبائي، وتطوير قدرات الكوادر الطبية، وزيادة عدد المراكز المتخصصة في تشخيص وعلاج الإيدز، كما أن توفير خدمات الفحص الطوعي والسري، وتسهيل الوصول للعلاج المضاد للفيروسات، يمثلان حجر الأساس للسيطرة على المرض، ويُعد تعزيز التوعية الصحية العلمية المبنية على الأدلة، بعيداً عن الخوف والوصم، خطوة ضرورية لتمكين أفراد المجتمع من فهم طرق الوقاية وممارسة سلوكيات صحية آمنة.
من الجانب الاجتماعي والثقافي يتطلب الأمر تعزيز ثقافة الانفتاح الصحي المسؤول، وإشراك الأسرة، وتمكين الشباب والنساء، وتوظيف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر معلومات دقيقة ومحايدة، يمثل ضرورة ملحّة، كما يتطلب الأمر العمل على مواجهة التصورات الخاطئة التي تربط المرض حصراً بسلوك “غير أخلاقي”، لأن ذلك يساهم في انتشار العدوى سراً ويضعف فرص الفحص المبكر.
ومن الجانب القانوني، يحتاج العراق إلى تحديث الإطار التشريعي الخاص بتنظيم مراكز التجميل والوشم، وتشديد الرقابة على الأدوات والمواد المستخدمة، كما أن تشريعات حماية حقوق المرضى المصابين بالإيدز يجب أن تضمن الحق في العلاج، والسرية، وعدم التمييز في العمل والتعليم والرعاية الصحية، إن التطبيق الفعلي للقوانين المتعلقة بالصحة العامة والممارسات الطبية، ومحاسبة الجهات المخالفة، يوفر بيئة أكثر أماناً للحد من العدوى.
وبناءً على ما تقدم، فإن مكافحة الإيدز في العراق تتطلب استراتيجية وطنية متكاملة تعتمد على تعزيز الوعي الصحي، تحسين البنية التحتية الطبية، رفع مستوى الوعي بخطورة هذا المرض وتبعاته الصحية والاجتماعية والثقافية، تطوير التشريعات الصحية، وتفعيل التعاون بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني والمنظمات الدولية، إن اعتماد مقاربة شاملة تراعي الخصوصيات الثقافية والاجتماعية والدينية، بالتوازي مع العمل الصحي المؤسسي، يمكن أن يسهم في الحد من انتشار الفيروس وحماية الأجيال القادمة، وصولاً إلى مجتمع خالٍ من الوصم وأكثر قدرة على مواجهة التحديات الصحية المعاصر.
المصادر
ياس، بهاء عيسى، مرض العوز المناعي (الايدز) في العراق ومخاوف الانتشار، دائرة البحوث، مجلس النواب العراقي، 2019.
بوغديري، كمال، المقاربة الانثربولوجية للصحة والمرض، مجلة البدر، الجزائر، مجلد 9، العدد 11، 2017.
Sukran Kose and others, The Social and Health Problems of People Living with HIV/ AIDS in Izmir, Turkey, Department of Public Health, Faculty of Medicine, Ege University, Izmir, Turkey,2012.
Jalil Ibrahim Saleh PhD1, Haitham Numan2, Nawar Sahib Khalil Ph.D, HIV/AIDS Status in Baghdad/ Iraq Over Ten Years(2010-2019), Indian Journal of Forensic Medicine & Toxicology, January-March 2021, Vol. 15, No
Jalil Ibrahim Saleh1, Nawar Sahib Khalil1, Haitham Noaman Al-Koubaisy2, Hussien Ali Mahdi3,
Hadeer Naeem3, Najoh Kadhim3, Socio-demographic Characteristics of Newly Reported HIV
Cases in Iraq (1986-2019), Indian Journal of Forensic Medicine & Toxicology, July-September 2021, Vol. 15, No. 3.
Atheer Kadhim Al-Ibadi and Dr. Usama Abdel Jaleel, EPIDEMIOLOGICAL ASPECTS OF HIV/AIDS IN IRAQ, QMJ VOL. 1 No.3 (2007).